فيعود عليهم بالقول فيقولون : ربنا نعم فاتنا بخير مما نحن فيه فيقول لهم تبارك وتعالى : رضاي عنكم ومحبتي لكم خير وأعظم مما أنتم فيه. قال : فيقولون : نعم يا ربنا رضاك عنا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا. ثم قرأ علي بن الحسين (عليهما السلام) هذه الآية : «وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ». (١)
إن الله خلق الإنسان وهو يحمل في جوانحه طموحا لا حدود له ، فكلما حصل على نعمة هفت نفسه نحو نعمة أخرى ، والربّ يذكر النعيم الاخروي الذي وعده المتقين ، ويعلم ان الإنسان لا يكتفي به ، لهذا يعقب : «وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ» أو ليس الله ورضاه غاية آمال العارفين ، ومنتهى طموح الراغبين؟
ونتساءل : أيهما أفضل أن ننتقل من الدنيا الى الآخرة فنحصل على ذلك النعيم العظيم المعنوي والمادي ، أو أن نلقى في النار على وجوهنا أذلاء خاسئين ، مهانين مخزيين؟!
(كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ)
روي عن أمير المؤمنين علي (ع) حديث طويل ، قاله للأحنف بن قيس ، يصف فيه أهل النار :
«فكم يومئذ في النار من صلب محطوم ، ووجه مهشوم ، ومشوّه مضروب على الخرطوم ، قد أكلت الجامعة كفه ، والتحم الطوق بعنقه.
فلو رأيتهم يا أحنف ينحدرون في أوديتها ، ويصعدون جبالها ، وقد ألبسوا
__________________
(١) بحار الأنوار / ج ٨ / ص ١٤٠