لماتوا حين ينظرون إليه ، ولو أنّ ثوبا من ثياب أهل جهنّم أخرج إلى الأرض لمات أهل الأرض من نتن ريحه ، فأكبّ النبي (ص) وأطرق يبكي وكذلك جبرئيل ، فلم يزالا يبكيان حتى ناداهما ملك من السماء : يا جبرئيل ويا محمّد إنّ الله قد آمنكما من أن تعصياه فيعذّبكما» (١)
[١٤] ولكي لا يستبد بنا اليأس عند الحديث عن النار وعذابها ، يؤكّد لنا الله رحمته الواسعة وغفرانه للذنوب.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)
وقد حكي أنّ الرسول (ص) لمّا سمع كلمة أفلاطون : (إذا كانت السماء قوسا ، والبلاء سهما ، والرامي هو الله فأين المفر؟) نزلت عليه الآية الكريمة : «ففرّوا الى الله» (٢)
بلى. إنّ الفرار ممكن ، ولكن كيف نفر؟ نفرّ من غضب الله إلى رضاه ، ومن سخطه الى عفوه ، وربنا برحمته الواسعة يقبل فرار العبد اليه ، ولكن بشرط أن يستغفره ويتوب اليه صادقا.
وهنا في هذه الآية جعل الله نهايتها «غَفُوراً رَحِيماً» مع أنّه قال : «يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ» وذلك تأكيدا لرحمته ورأفته بخلقه ، وطردا لليأس من نفوسنا.
__________________
(١) بح / ج ٨ ص ٣٠٥
(٢) الذاريات / ٥٠