ـ أوّلا ـ الشيطان أعمالهم السابقة في قلوبهم حتى رأوها حسنة ، ثم دفعهم ظنّ السوء الى التقييم السلبي ، وأخيرا هلكوا ، ومن هنا نعرف أنّ بدايات الانحراف قد لا تستثير الإنسان ، ولكنّها خطيرة لأنّها تهوي بالبشر الى الهلاك المطلق.
[١٣] وقد اعتبر الله هذه الخطوة دليلا على عدم الإيمان لدى هؤلاء ، وتوعّدهم بعذاب جهنّم جزاء لهذا الكفر فقال :
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً)
إذن فربّنا هيّأ النار وأعدّها ، ويا ترى كم ستكون مؤذية هذه النار التي سجّرها الله لغضبه بالنسبة للبشر الضعيف؟!
دعنا نقرأ هنا رواية عن الرسول (ص) لعلّنا نخشى الله ، ونجتنب المعصية : «إنّ جبرئيل (ع) أتى النبي (ص) عند الزوال في ساعة لم يأته فيها وهو متغير اللون ، وكان النبي (ص) يسمع حسّه وجرسه فلم يسمعه يومئذ ، فقال له النبي (ص) : يا جبرئيل مالك جئتني في ساعة لم تكن تجئني فيها ، وارى لونك متغيّرا ، وكنت أسمع حسّك وجرسك فلم أسمعه؟! فقال : إنّي جئت حين أمر الله بمنافخ النار فوضعت على النار ، فقال النبي (ص) : أخبرني عن النار يا جبرئيل حين خلقها الله تعالى؟ فقال : إنّه سبحانه أوقد عليها ألف عام فاحمرّت ، ثم أوقد عليها ألف عام فابيضّت ، ثم أوقت عليها ألف عام فاسودّت ، فهي سوداء مظلمة ، لا يضيء جمرها ، ولا ينطفئ لهبها ، والذي بعثك بالحقّ نبيّا لو أنّ مثل خرق إبرة خرج منها على أهل الأرض لاحترقوا عن آخرهم ، ولو أنّ رجلا دخل جهنم ثم أخرج منها لهلك أهل الأرض جميعا حين ينظرون إليه ، لما يرون به ، ولو أنّ ذراعا من السلسلة التي ذكره الله تعالى في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت عن آخرها ، ولو أنّ بعض خزّان جهنم التسعة عشر نظر إليه أهل الأرض