والناس حتى يحكم الزمن بصدقه أو كذبه.
(وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ)
[٢٢] ولكنهم رفضوا إلّا منطق الجريمة.
(فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ)
فالذنب بالنسبة إليهم ليس عرضا يقعون فيه بسبب الغفلة أو النسيان ، وإنّما هو أساس تقوم عليه حياتهم ، فهم مرتكزون في الجريمة.
وهذه الآيات وكثير من الآيات القرآنية التي تحدّثنا عن معاناة الأنبياء مع أقوامهم ، تؤكّد ثلاث مراحل تمرّ كلّ رسالة بها ، المرحلة الأولى هي بعث النبي واختلاطه بالناس وسعيه لهدايتهم ، والمرحلة الثانية هي تكذيبهم له واعتزاله عنهم ، أمّا المرحلة الثالثة فهي حلول العذاب عليهم من قبل الله مباشرة ، أو على أيدي المؤمنين بقيادة الرسول أو من يمثّله في المجتمع ، وإنّما ينبغي اعتزال المجتمع الكافر لكي لا يشمل العذاب المؤمنين ، أو للاعداد للصراع ضد الكافرين.
[٢٣] وقد أمر ربّنا موسى (ع) والذين آمنوا معه بالانفصال عن فرعون وقومه تمهيدا لحلول العذاب عليهم ، وأكّد ربّنا على أن يكون الاعتزال في ظروف سرية حتى تتم العملية بنجاح ، فكان الليل أكثر مناسبة للحركة.
(فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ)
من قبل فرعون وجنده ، ذلك أنّهم يرفضون أي حركة تحررية في المجتمع.
ولعل الحكمة من إضافة كلمة «ليلا» لجملة «أسر» التي هي تكفي دلالة على الحركة بالليل ، لتوضيح أنّ كلّ السفر ينبغي أن يكون بالليل.