فيها الفعل الالهي المقصود. ثم إن بعض الأقوام وصلوا من القوة أكثر مما صار اليه المجتمع العربي يوم نزول القرآن ، ولكن الله أهلكهم فهل يتصورون على أنهم قادرون على دفع الهلاك إذا حلّ بساحتهم. وامتزاج الضمائر والإشارات في هذه الآية بين أولئك وهؤلاء يحمل طياته إنذارا للمشركين باهلاكهم بطريقة أو بأخرى إذا ما حذوا حذو السابقين ، ولن يجدوا حينئذ مخرجا ولا سبيلا إلى النجاة.
(فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ)
والمحيص من حاص يحيص ، وهو المكان الذي تحفره البطة لتضع فيه بيضها ، وقد سعت تلك الأقوام ليجدوا لأنفسهم مخرجا ولو بمقدار المحيص فلم يقدروا ، ووقع بهم العذاب.
[٣٧] وما في التاريخ من دروس وعبر آيات تستثير عقل الإنسان وتهديه إلى الحق ، ولكن بشرط أن يتجاوز الأغلال والأثقال التي تمنع النفس من التحليق في سماء الهداية والمعرفة ، وتعيق العقل من العبور عبر الشواهد والآيات إلى الحقائق.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى)
تستنقذ البشر من الغفلة والضلال ، وتعود به إلى الحق الذي فطر عليه أن آيات الله سواء التي تتضمنها رسالته ، أو تلك التي تتجلى في نفس الإنسان وفي الآفاق ، أو التي تجلت ولا زالت تتجلى في تاريخ البشرية ، إنها كلها تشع بأمواج الهداية والتذكرة ، ولكن من الذي تنفعه هذه الآيات فتكون له ذكرى في الحياة؟ انما صاحب القلب.
(لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ)