قال الامام الصادق (ع): إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة ، فاذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلتان فينتهي إلى باب الجنة فيقول : استأذنوا إليّ على فلان ، فيقال له : هذا رسول ربّك على الباب فيقول لأزواجه : أي شيء ترين عليّ أحسن؟ (١) فيقلن : يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك أحسن من هذا ، قد بعث إليك ربك فيتزر بواحد ويتعطف بالأخرى ، فلا يمر بشيء إلّا أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد ، فاذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى ، فاذا نظروا إليه أي إلى رحمته خروا سجدا ، فيقول : عبادي! ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا عبادة ، قد رفعت عنكم المؤونة ، فيقولون : يا رب وأي شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا الجنّة ، فيقول : لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا ، فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه ، وهو قوله : «ولدينا مزيد» (٢).
[٣٦] ثم إن القرآن وضمن علاجه للكفر بقدرة الله على البعث ـ يدعو الكفار إلى التفكر في آثار قدرته وهيمنته على الحياة من خلال قراءة التاريخ البشري المليء بالشواهد على ذلك ، ليعلموا أن الحياة ليست عبثا ، بل تسير وفق حكمة مقدرة ، فالأقوام السابقة إنما أهلكوا لتكذيبهم بالحق.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً)
وهذه سنّة جارية في الحياة لا يعطلها شيء ، ولا يمنعها البشر مهما أتوا من قدرة ، ولفظة أهلكنا مضافة إلى كلمة «كم» التي تفيد الاستفهام عن العدد ، تنطويان على تأكيد بأنّ ما حدث في التاريخ ليس مفردة جرت من باب الصدفة ، وإنما هي ظاهرة مستمرة تدل على سنّة حاكمة تلتقي فيها تلك الشواهد ، ويتضح
__________________
(١) يستشيرهن في أفضل ثيابه ليتزين بها عند لقاء رسول ربه.
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ١١٥