بني إسرائيل حذو القذّة بالقذّة ، والنعل بالنعل ، حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلوه.
الثاني : للدلالة على أنّ ما جرى عند بني إسرائيل يشبه القانون الاجتماعي أو السنّة الحياتية التي تتكرّر عادة بين الأمم إلّا من عصم الله.
ونستوحي من هذه الآيات بصيرتين :
الأولى : لقد وفّر الله لبني إسرائيل كلّ أسباب السعادة ، فأعطاهم الكتاب والحكم والنبوة ، وفضّلهم على العالمين ، وآتاهم بيّنات من الأمر ، وأعطاهم العلم والوعي ، ولكنّهم اختلفوا من بعد ذلك بغيا ، وجرّوا على أنفسهم الويلات ، ممّا يدلّ على أنّ البغي ليس ذا طابع فردي ، لأنّ من يظلم يشجّع الآخرين على الظلم ، وتنتشر عادة البغي حتى يظنّ كلّ واحد أنّ من (لا يظلم الناس يظلم) أو (إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب).
ثم إنّ الظالم لا يلبث أن يبحث عن فلسفة لظلمه ، ومحور يجتمع الظالمون حوله ، وينظّمون ويسنّون شرائع له ، وينصبون له أعلاما يدعون الناس إلى الرضوخ له ، وهكذا يبدو الظلم عملا فرديّا يرعاه الحرص والتعالي ، وسرعان ما يتحول إلى تيّار اجتماعيّ منظّم ، له مؤسساته وقوانينه ودعائمه وقياداته و.. و.. ، حتى يصبح الناس فريقين : طبقة ظالمة مستكبرة متسلطة ، وطبقة مظلومة مستضعفة مقهورة ، وتلك الطبقة قد تختلف صورها ، ولكنّ جوهرها واحد ، كأن تتسمّى باللّوبي ، أو الاقطاعيّين ، أو اتحاد الشركات ، أو الحكومة ، أو .. أو ..
الثانية : وحينما ينحرف الناس ، وتتسلّط عليهم طبقة مستكبرة مستضعفة ، تظلّل الناس بسحابة سوداء من الإرهاب والاعلام المضلّل ، لا بد أن يقف الصالحون (أنبياء كانوا أم تابعين لهم) متسلحين بالشجاعة والاستقامة ، ويرفعوا أصابعهم إلى السماء مشيرين إلى الله الواحد الأحد ، فإذا رأى الله منهم الصبر على