اختلفوا ولم يكن اختلافهم لنقص في رسالتهم أو شحّة طعامهم ، إنّما كان ببغيهم بالرغم من وجود العلم الذي كان جديرا بفضّ خلافاتهم لو تجنّبوا البغي ، ولقد كان العلم عند وصي موسى يوشع بن نون ، وكان الناس يعلمون ذلك ، إلّا أن حبّ الرئاسة وهوى السلطة لعب دورا خبيثا في إزالة الحقّ عن مرساه ، والولاية عن مستقرّها ، فاختلفوا أشدّ اختلاف.
ويضرب القرآن صفحا عن ذكر ويلات الاختلاف ، من حروب داخلية تؤدّي الى زعزعة أساس المدنيّة ، وغلبة الأعداء الخارجيين.
ولا ريب أنّ العلم هنا هو علم الدّين الذي يقضي على الاختلاف بين أصحاب الرسالة ، ولا يعني أيّ معلومات كانت ، لأنّ سلاطين الجور يحاولون أبدا الاستغناء عن علماء الدّين بمن يسمّى عالما من أصحابهم ، ويغرونهم ليصنعوا لهم فلسفة ومذهبا.
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
إنّ الله سيقضي بينهم بالحق ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ، ولا تعجل عليهم ، واطمأن إلى أنّ الحق باق برغم التشويش عليه.
[١٨] (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ)
الشريعة : الطريقة الواضحة ، فقد جعل الله الرسول (ص) على الطريق الحق ، والدين الواضح.
(فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)
ومن لا يتبع شريعة الله فإنّه يتبع «أهواء» قوم لا يؤمنون بالله ، وهذه مشكلة