رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (١) ، وما على الإنسان لكي ينال الرحمة إلّا أن يتقي ما يسخط الله فهنالك تشمله رحمات الله.
(فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ)
مهما بلغ الإنسان في الدنيا من الملك والغنى فإنّه لا يحسّ بتمام الراحة ، إمّا لنقص في النعم أو لنقص فيه ، فلذّته محدودة ، وهي تتعب صاحبها مهما أوتي من ثراء عريض ، وآخر ما قرأناه في ذلك أنّ واحدا من أصحاب البلايين دفع أخيرا مبلغ ربع مليون دولار وسيارة ثمنا لقتله بعد فشل في عدة محاولات انتحار ، ففعل الأجير ذلك مأثوما. هكذا لا تتم نعم الدنيا لأحد.
بينما في الجنة يبلغ المؤمن غاية اللذة ، فهو لا يعاني من نقص ينغّص عليه ، كما أنّ الله يرزقه حالة الرضى بنعمته ، فلا يحس بالشبع ، إنّما يستلذّ ويستلذّ بالنعيم أبدا وبلا ملل.
قال الامام الصادق (ع) عن رسول الله (ص) مبيّنا ثواب المؤمن : فيرفع رأسه فإذا هو بزوجته قد كادت يذهب نورها نور عينيه ، قال : فتناديه : قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة ، قال : فيقول لها : ومن أنت؟ قال : فتقول : أنا ممّن ذكر الله في القرآن : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) ، فيجامعها في قوّة مائة شاب ، ويعانقها سبعين سنة من أعمار الأوّلين ، وما يدري أينظر إلى وجهها أم إلى خلفها أم إلى ساقها (٢) وفي حديث آخر : «فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملّها ولا تملّه» (٣).
__________________
(١) هود / (١١١).
(٢) موسوعة بحار الأنوار / ج (٨) ـ ص (٢١٤).
(٣) المصدر / ص (١٥٩).