وقال الامام الصادق (ع) : «إنّ الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيّام الدنيا ، ويأكل في أكلة واحدة بمقدار أكله في الدنيا» (١).
ومن أعظم النعم التي يبلغها المتقون هي نعمة الشكر لله التي تزيدهم نعيما إلى نعيمهم (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) ، ويكون الاحساس بالنعيم وبالتالي الشكر أعمق عند الاطّلاع على أهل الجحيم بين ألوان من العذاب ممّا يذكّرهم بلذة النجاة منها ، وهذا يوضح العلاقة الوثيقة بين ذكر الله للتفكّه بالنعيم ، وذكر نجاة المتقين من النار.
(وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ)
[١٩] كما تتميّز الجنة عن الدنيا بإباحة نعيمها جميعا لأصحابها ، فلا حرام فيها ، ولا مكروه ، ولا تكليف ، ولا مسئولية ، إنّما يأكلون ويشربون ما يشاءون.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً)
ولا يكون الأكل أو الشرب هنيئا إلّا إذا كان ذاته طيّبا ، ومذاقه لذيذا ، وكان نافعا لا يعقبه ضرر ، ولا يتصل به ما يسلب صاحبه الراحة أو الاطمئنان أو المتعة ، ولكن لا طريق إلى تلك النعم إلّا بالعمل الصالح ، لذلك يترافق مع دعوة المتقين الى النعيم «كُلُوا وَاشْرَبُوا» بيان لهذه الحقيقة :
(بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
هذا هو السبب الوحيد الى الجنة ، فمن يتقي الله يقيه عذاب الجحيم. وعند المقارنة بين جزاء أهل النار وبين هذه الآية نرى القرآن يعبّر هناك عن سبب
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) ـ ص (٦١٤).