هذه المسألة علاجا مبدئيّا ، وذلك بإعطاء المؤمنين وعدا بإلحاق ذريتهم بهم في الجنة ليتمّ لهم السرور ، ولكن بشرط أن يتبعوهم بإيمان.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)
وهكذا الإسلام لا يرى وسيلة الى الجنة سوى العمل الصالح ، فلا يتم التحاق الذرية لمجرد الانتساب ، بل بالاتباع الواعي لمسيرة الجيل المتقدّم «بإيمان» ، أمّا مجرّد الانتماء النسبي أو حتى الاتباع الأعمى لا يغني شيئا حسب منهج القرآن ، بغضّ النظر عن كون العمل صالحا أو فاسدا.
إنّ المنطلق في ممارسة العمل الصالح ينبغي أن يكون منطلقا سليما. أترى لو مارس أحد الطقوس الدينية بغير نية التقرب ، بل لأنّه ولد في أسرة مسلمة أو يعيش في مجتمع مسلم ويتماشى مع المحيط ، أو خوفا من سلطان ، أو لأهداف مصلحية ، فهل يكون عمله مقبولا عند الله؟
إنّ الانتماء الحقيقي للصالحين ليس بالنسب والحسب ، ولا بالانضمام الى تجمّعهم ، إنّما بالعمل الخالص لوجه الله.
يقول تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) (١) ، والقرآن يضرب أمثلة لهذه الحقيقة من تاريخ أقرب العباد إليه وهم الأنبياء ، يقول تعالى : (قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ـ وأغلظ له الخطاب قائلا ـ (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٢) وقال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ
__________________
(١) العنكبوت / (٩).
(٢) هود / (٤٦).