(وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ)
وهما معا غذاء متكامل ، وهذه النعمة لا تنفذ ولا تنقطع عن المتقين ، بل وتصلهم بالشكل والحجم والنوع الذي تهواه نفوسهم ، فالعنان هناك مطلق للشهوة يبلغ الشخص ما يريد وما يتخيّل ، وفي الرواية عن النبي (ص) قال : «فإذا اشتهوا الطعام جاءهم طيور بيض يرفعن أجنحتهنّ فيأكلون من أيّ الألوان اشتهوا ، جلوسا إن شاؤوا أو متكئين ، وإن اشتهوا الفاكهة تسعّبت (تدلت واقتربت) إليهم الأغصان فأكلوا من أيّها اشتهوا» (١).
(يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً)
قال الراغب : والتنازع والمنازعة : المجاذبة ، ويعبّر بهما عن المخاصمة والمجادلة ، قال تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ، وقال : «فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ» (٢) ، أمّا المؤمنون فلا مخاصمة بينهم. إنّهم يمرحون مع بعضهم ، ويتبادلون كؤوس المحبة.
والكأس التي يشربونها ليست مسكرة تسلب عقولهم فيلغون ، ولا هي حرام عند الله.
(لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ)
[٢٤] وفي الأثناء ترى الغلمان الذين ملّكهم الله في طواف دائم عليهم ، يخدمونهم ويسرّون ناظرهم ، جزاء لاجتهادهم في طاعة الله وخدمة الناس في دار الدنيا.
__________________
(١) بح / ج (٨) ص (٢١٤).
(٢) مفردات الراغب / ص (٥٠٩).