تحكمها) ركيزة أساسية للتربية والتوجيه في نهج القرآن ، ولكنّ ربط هذا التدبر بما يجري داخل النفس البشرية هو المهم في المنهج ، لذلك يبدو واضحا في كثير من الآيات أنّ القرآن يريد بناء جسر بين الآفاق حتى أبعد مدى فيها وبين النفس حتى أعمق غور منها.
بينات من الآيات :
[٢٩] تزدحم التهم والاشاعات ضد كلّ مصلح رسالي بمجرّد أن يرفع راية الإصلاح ، فإذا به يدعى كاهنا أو مجنونا أو عميلا يتصل بجهات خارجية ، من أجل تحطيمه أو الضغط عليه في اتجاه التخلّي عن رسالته ، فيجب إذن أن لا يفاجأ أيّ عامل إذا ما تعرّض لذلك في مسيرته ، بل يعتبره أمرا طبيعيّا ، ويستمر في حركته حتى يبلغ إحدى الحسنيين ، متوكّلا على ربّه ، ومهتديا بوحيه ، واثقا بنفسه.
ورسولنا الأكرم محمّد بن عبد الله (ص) وهو الأسوة العظمى لنا ، كان عرضة لمختلف الدعايات والتهم ولأنواع شتى من الأذى ، وإذا لم تكن ثقته بربه وبرسالته وبنفسه ثقة عميقة لم يستمر ، ومع ذلك أمره الله بالاستمرار في دعوته قائلا :
(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ)
وهذه الآية تنفي عن النبي (ص) جميع التهم التي وجّهت اليه بالتالي :
١ ـ أنّ رسالته تثير دفائن العقول البشرية بالتذكرة.
٢ ـ أنّ التذكرة التي جاء بها الرسول ليست من عنده ولا من أحد ، إنّما هي نعمة من الله تصله عبر الوحي ، ومن دونها لا يكون رسولا ولا مذكّرا.