وتحترمه ، وأمّا «الْعُزَّى» فقيل أنّه تأنيث عزيز ، وهو شجرة بين الطائف ومكة يقدّسونها ويعبدونها ، وقيل عن «مَناةَ» أنّه بين مكّة والمدينة (ولعلّ التعبير مستوحى من الأمنية) وكانت قبيلتي الأوس والخزرج وأخرى غيرهما يزورونه ويطوفون حوله ، وربما كانوا يحرمون عنده في طريقهم إلى مكّة المكرّمة.
والمشركون عبدوا هذه الأصنام ولم يروا عليها برهانا قاطعا ، إنّما نطقوا عن الهوى ، واتبعوا الظن ، أمّا الرسول فهو على بصيرة من أمره ، وهدى من ربّه. إنّه آمن بالله من خلال وحيه الذي تنزّل عليه ، الذي كان من الدلالة والحجّية أن رآه متجلّيا فيه ، كما رآه متجلّيا في مشاهدات المعراج.
[٢١ ـ ٢٢] وربما كان المشركون يعتقدون بأنّ هذه الأصنام هي رموز لملائكة في السماء ، فهم يقدّسونها لكي تقرّبهم إلى تلك الملائكة ، وهي بدورها تشفع لهم عند الله ، كما قالوا : «ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى» (١) ، وحيث يعتقد الجاهلون بأنّ الملائكة إناث فقد سمّوا هذه الأصنام تسمية الأنثى ونسبوها إليه عزّ وجل ، والقرآن يستنكر هذه النسبة التي لا تقوم على أساس من العلم والحق.
(أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى)
وحيث يعتقد المشركون بأنّ الذكر أفضل من الأنثى فكان ينبغي على ضوء عقيدتهم أن يتقرّبوا إلى الله بالأحسن لا الأسوأ ، ومن هذا المنطلق تكون قسمتهم ظالمة حتى حسب معتقداتهم الضالة.
(تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى)
بعيدة عن الحق ، وهم لم يروا الملائكة ولم يشهدوا خلقهم حتى يزعموا بأنّهم
__________________
(١) الزّمر / ٣