ثمّ أنّ هذه الأسماء لا شرعية لها ، لأنّ الشرعية تأتي من عند الله وحده ، وليس هناك دليل على أنّ الله أمر بعبادتها أو التوسّل بها إليه.
ومجرّد عدم وجود دليل (وسلطان مبين) من عند الله يسمح للإنسان بالتسليم لقوّة سياسية (صنم حجري أم بشري) يكفي دليلا على حرمة هذا الأمر. أو ليس الله قد خلقنا ، ونحن عبيده. أفينبغي للعبد أن يطيع غير مولاه؟!
وإنّما قال تعالى : «أَنْتُمْ» وأضاف إليها «وَآباؤُكُمْ» لكي يؤكّد مسئوليتهم هم عن انحرافهم ، وأنّه لا يجوز إلقاء مسئولية الانحراف على آبائهم وحدهم ، ونستوحي من هذه الآية أنّ منهج المشركين الخاطئ خليط من أمور ثلاثة :
الأوّل : وراثة الضلالة من الآباء ، بينما الشرعية الحقيقية يأخذها الإنسان من ربّه لا من آبائه.
الثاني : الظنون ، وهي الإفرازات السلبية للذهن البشري حينما تعمل فيه المؤثّرات الخاطئة.
الثالث : أهواء النفس ، ودورها : أوّلا : التمهيد للظنون ، وثانيا : ترسيخها كما ترسيخ ذلك التقديس الخاطئ للآباء ، لأنّها تلتقي معه.
(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى)
وبالتدبّر في هذه الآية وما سبقها يتضح لنا أنّ حركة الإنسان نحو الزيغ تبدأ من أهواء النفس ، الذي يتحوّل إلى تمنّي ، والتمنّي إلى ظن (خيال) ، ثمّ تتحوّل التمنّيات إلى عقيدة وفكرة ، ثم يؤطّر البشر ذلك برموز وأسماء يزعمها ، فالأصنام