ظلّ حكومة الله مجال لظنون الإنسان وتمنّياته ، ومن يزعم أنّه يتخلّص من سنن الله وحاكميته بالاعتماد على أمانيه فهو يخطئ ، لأنّه ينازع الله في سلطانه سبحانه ، ولكي يعمل أمنياته لا بد أن يخرج من سلطان الله ، ويبحث له عن حياة تغني فيها الأمنيات ، ولن يحصل ذلك لأنّ الحياة كلّها له عزّ وجلّ ، أو يبحث له عن حكومة يمكنها أن تواجه سلطانه وإرادته ، ولن يجد إلى ذلك سبيلا ، وحتى الملائكة الموكّلين بالطبيعة لا تغني شفاعتهم شيئا ، لأنّ قوّتهم من الله وليست ذاتية ، وهم لا يشفعون إلّا لمن شاء وارتضى.
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً)
لو افترض أنّهم بادروا للشفاعة ، فكيف بتلك الأصنام؟! بلى. إنّ شفاعتهم والأولياء تنفع بإذنه تعالى ، ولأفراد مخصوصين يرضى لهم الله الشفاعة.
(إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى)
وإذنه لا يحصل بسبب ضغط قوى أخرى ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، إنّما يأذن بإرادته العليا ، كما أنّه لم يجعل الشفاعة بعيدة عن القوانين والسنن التي خلق الحياة وفقها ، ومن هذه القوانين أن يكون الشفيع مرضيّا عنده.
وهكذا يحدّد القرآن الشفاعة بحدّين :
(أ) حدّ للشافع الذي لا يكون إلّا من يرتضيه الله ، فلا تجوز الشفاعة أساسا إلّا للأنبياء والأولياء والملائكة المقرّبين ، أمّا الأصنام الحجرية والبشرية فليست أهلا للشفاعة أبدا.
جاء في الحديث عن الرسول الأعظم (ص) :