كالملائكة والأولياء من الناس مضادّة لعلاقته بربّه ، ولا بديلا عنها ، بل امتدادا لها ، وقوله «لِمَنْ يَشاءُ» يهدينا إلى أنّ الشفاعة قضية شخصية تتوجّه إلى الإنسان الفرد بذاته بعيدا عن النظر الى انتمائه ، فقد ينتمي اجتماعيّا إلى فريق الضالين ولكنّها تناله ، وقد تفوته بالرغم من انتمائه إلى فريق المؤمنين ، والذي يحدّد الشفاعة هو علم الله النافذ إلى حقيقة الإنسان.
[٢٧] ثمّ يقول تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى)
والسؤال : لماذا يسمّي المشركون الملائكة إناثا ، وما هي علاقة ذلك بالكفر بالآخرة؟
لعلنا نجد الجواب في أنّ الأنثى رمز العطف والحنان ، وهم يسمّون الملائكة بذلك رجاء عطفهم وشفاعتهم لهم عند الله ، وبهذا الإعتقاد يحاول المشركون تبرير ممارستهم للذنوب في الدنيا ، واقناع أنفسهم بإمكانية التخلّص من مسئولياتها في الآخرة بالتوسّل بمن يعطف عليهم وهم الإناث من خلق الله وهم الملائكة حسب زعمهم ، وهذا كفر صريح بالآخرة كدار للجزاء العادل.
[٢٨] (وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ)
وهو الإفرازات (التصوّرات والأفكار) الناتجة من إعمال الإنسان لخياله بعيدا عن البراهين الواقعية.
(وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)
ونفي البعض ينفي الكل ، وليس العكس ، وهو أبلغ في النفي ، فلا شيء من الحق يغنيه الظنّ أبدا ، والقرآن هنا يستثير قضية وجدانية هي قبح كلام الإنسان