وبالذات سنة الجزاء العادل.
ثم ان تأكيد القرآن على بيان العدالة الالهية في الجزاء في أكثر سور القرآن انما هو ليزرع الاطمئنان العميق في قلب البشر الى وقوع الجزاء. الأمر الذي يبعثه نحو عمل الخير ويزجره عن الشر الا ان العدالة وبالتالي المسؤولية فكرة قاسية لا يتحملها القلب البشري الذي من طبيعته الانحراف. لذلك تأتي الآية اللاحقة لتخفف وطأتها ببيان مدى رحمة الله وغفرانه.
(الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ)
والإثم هو عموم الذنب (بين العبد وربه أو بينه وبين نفسه أو بينه وبين الناس) بينما الفواحش هي الذنوب الاجتماعية. قال الامام الصادق (ع) : «الفواحش الزنا والسرقة» (١) وهما ذنبان اجتماعيان.
وذكر الفواحش من دون اضافة كلمة الكبائر بخلاف الإثم أضيف اليه لفظ الكبائر ، لان الفواحش بذاتها من الكبائر فلا يقال للذنب الاجتماعي فاحشة ، بينما الإثم فيه الصغائر (اللمم) وفيه الكبائر. وفيما يلي نذكر حديثا في كتاب الإثم مرويا عن الامام الرضا (ع) قال : سمعت أبي موسى بن جعفر (ع) يقول : دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد الله (ع) ، فلما سلم وجلس تلا هذه الآية (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) ثم أمسك فقال له أبو عبد الله (ع) : ما أمسكك؟ فقال : أحب ان اعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال : يا عمرو! أكبر الكبائر الشرك بالله. يقول الله تبارك وتعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ويقول عز وجل : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) ، وبعده اليأس من روح الله لان الله عز وجل يقول :
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ / ص ١٦١