الذي يملك خزائن الكون ، والقوي الذي يهيمن على الحياة. فلما ذا الخشية إذا من مقاومة الانحراف؟ ورفض هيمنة المنحرفين؟
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)
فهو وحده الذي وضع سنن الكائنات ويهيمن عليها ويجريها بقدرته وعدالته.
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا)
عدلا السيئة بمثلها.
(وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)
فضلا ، فالحسنة بعشر أمثالها ، وتتضاعف «وَلَدَيْنا مَزِيدٌ» (١) وبالتدبر في شطري الآية الكريمة الشطر الاول الذي ينطوي على فكرة التوحيد (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، والشطر الثاني الذي ينطوي على فكرة المسؤولية المنبثقة من حقيقة الجزاء (لِيَجْزِيَ) .. فاننا نعرف العلاقة الوثيقة بينهما ، وذلك ان الذين ينحرفون يحاولون التملص من مسئولياتهم بالشرك. والحق ان التوحيد يعني نفي الشريك ، وهذا بدوره ينفي التبرير ، اذن فالموحد الحق هو الّذي يتهيأ لحمل المسؤولية. ان هذه الآية تنسف ثقافة التبرير المتجسدة في عبادة الأنداد كالملائكة والأصنام وحتى العباد الصالحين تمنيا للشفاعة ، وذلك ببيان ان الله يجري عدالته في الحياة ، ولا أحد يستطيع فرض إرادته عليه ، لان الحياة تكوينيا وتشريعيا له وحده لا يشاركه فيها أحد ، وإذا كانت ثمة هيمنة ظاهرية للملائكة فهي تنفيذية وبإذن الله ، وتبقى الهيمنة الحقيقية المطلقة لله وحده ، فلا مهرب منه إلّا اليه ولا شفاعة الا من بعد اذنه ، ولا أنداد قادرين على تغيير سنن الله في الخليقة حسب أهوائهم
__________________
(١) ق / ٣٥