تعيش أبدا في بؤر التخلف والفساد.
وان مرور الزمان على سعي الإنسان لا ينقصه انما يزيده نماء أو لا أقل يبقيه كاملا وافيا.
(ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى)
[٤٢ ـ ٤٨] وان هناك تسلسلا في السنن والمسببات في الحياة ، ومنها سنة الجزاء ، ولكنها لا تتحرك في الفراغ أو ما يسميه الفلاسفة بالدور ، بل لها بداية ونهاية ، وهناك من يشرف عليها وهو الله ، فالعالم اذن ليس بعيدا عن العقلانية ، ولا مجرد قوانين ، وانما هناك تدبير الهي حكيم يهيمن عليه ، كما قال الله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (١) وما دام الأمر بيد الله وينتهي اليه فلتطمئن النفس الى الجزاء وتثق بنتائج سعيها ، وفي القرآن تذكرة بهذه البصيرة في مواضع شتى وبصيغ مختلفة.
(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى)
بلى ان الظاهر من الحياة هي النظم الدقيق والسنن الحاكمة. ولكن الجانب الخفي منها ولبّها هو هيمنة الله عليها. والمؤمنون مطمئنون الى هذه الحقيقة وموقنون بها ، بينما الآخرون لا يعلمون الا الظاهر من الحياة.
والقرآن هنا يؤكد هذه الهيمنة ويمثل لها بلطائف الأمور.
__________________
(١) الأعراف / ٥٤