عليه. فأخذ يقص واقعة حدثت له قبل عشر سنوات مسترسلا قال : كنت في رحلة صيد في الصحراء ، فلقيت رجلا معه بعض المال فسلبته قهرا ، ثم أردت قتله فتوسل بي ان اتركه ولكن عزمت على سفك دمه. فلما رفعت عليه السيف نظر حوله فلم يجد أحدا الا سربا من القطى صادف مرورها في ذات اللحظة. فقال اشهدي بانني اقتل غريبا مظلوما في هذه المفازة. فضحكت من قوله ثم قتلته. والآن لما رأيت القطا في السماط تذكرت ما قاله وسيفي يهوي عليه فلم أتمالك من الضحك على ذلك الرجل المسكين الذي اشهد القطا على قتله. فقال الخليفة بلى لقد أدت القطا شهادتها وامر بجمع السماط ، وقال للجلادين احضروا النطع والسيف فاحضروهما وضرب عنقه.
(وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى)
وهناك فكرة نجدها في هذه الآية وهي ان كل سعي يقوم به الإنسان يتحول الى كيان مادي ، وان الكلمة الطيبة ، والموقف الشجاع ، والنشاط السليم ، كل ذلك يتحول الى شيء ملموس يراه الإنسان. كذلك الكلمة الخبيثة ، والموقف الجبان ، والفساد.
أرأيت هذه الحركات المباركة ، التي تشيع الفضيلة وتزرع السلام وتبني الحضارات ، انها كانت في الأصل دعوات صالحة ومساعي حميدة. أرأيت هذه الويلات التي تصيب البشرية هنا وهناك ، انها كانت في الأصل كلمات خبيثة أو مساعي فاسدة.
وما معنى المسؤولية في الدنيا الا ارتداد صدى سعي البشر اليه ، فمن قاوم الظالم ، عاش في ظل العدالة دهرا ، ومن جبن عن مقاومته ساعة شمله خسفه وضيمه. وأمة تنشط في بناء حضارة تنعم في ظلها طويلا وأختها التي تتكاسل