فيؤخذون بهذا الاعتراف ، وينبذ تفسيرهم لذلك بأنّه يشبه السحر ، إذ مستحيل أن يستمرّ السحر الذي حقيقته التأثير الموقّت في خيال الإنسان.
[٣] والآية التالية تؤكّد على أنّ التبرير الباطل يساوي عند الله الكذب المحض ، بل هو أشدّ ، لأنّ أهداف التكذيب هي ذاتها أهداف التبرير ، وأهمّها اتباع الأهواء والشهوات ، إذا فتبرير الإنسان لا يغيّر من واقعه شيئا ، ولا من جزائه عند ربّه ، لأنّه تعالى لا ينظر إلى المظاهر ولا يحاسب عليها ، إنّما ينظر إلى الحقائق الواقعية ، ويجعلها ميزانا للجزاء ، إنّه «يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ» (١).
(وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)
واتباع الهوى هو سبب التكذيب ، كما أنّه الهدف منه ، وهذه الآية دليل صريح على بطلان عذرهم ، ورفض الله له كمبرّر مشروع لاعراضهم عن الحق ، حيث اعتبرهم والمكذّبين سواء.
(وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ)
إنّ سنن الحياة الدنيا والآخرة ومقاييسهما حقائق قائمة وثابتة لا تتغيّر (مستقرّة) ، فلا يمكن تغييرها بهوى النفس أو بتمنّيات البشر ، وتشير هذه الآية إلى ما بيّنته الآيات الأخرى كقوله سبحانه : (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (٢) ، (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٣) ، (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) (٤) ، (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (٥) ، كما أنّ حكمة الامام علي (ع) : «الأمور مرهونة بأوقاتها» مستوحاة
__________________
(١) غافر / (١٩).
(٢) الرعد / (٣٨).
(٣) الأعراف / (١٢٨).
(٤) طه / (٦٩).
(٥) الإسراء / (٨١).