إلى الدّين ما يستهوي الطغاة أو رعاع الناس ابتغاء كسبهم ، والله غني عنهم وعمّن يدعونه بهذه السبل إلى دينه.
ولا ريب أنّ المؤمن حريص على هداية الناس ، ويريد الخير لهم ، فمن الصعب عليه أن يتركهم حصبا لجهنم ، فهذا سيد الشهداء الامام الحسين (ع) تبتّل لحيته بالدمع ، وحينما يراه رجل من الأعداء يخاطبه : يا ابن فاطمة! أتبكي خوف القتل؟! فيقول : «لا ولكن لأنّني أعلم أنّكم تدخلون النار بقتلي» ، من أجل كلّ ذلك توالى الأمر بترك المعرضين في القرآن.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ)
اتركهم وشأنهم ، وانتظر ، وتقدير هذا الفعل أقرب إلى السياق من قول بعض المفسّرين بأنّه : واذكر يوم القيامة حيث يدع الداع إلى شيء مكروه ، ذلك لأنّ انتظار يوم البعث لفضّ الخلافات مسألة معروفة في آيات القرآن الكريم.
وقد لا يقتصر الأمر بالتولّي على الدنيا وحدها بل يشمل الآخرة ، حيث يأمر الربّ نبيّه بالاعراض عنهم وتركهم وهو صاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة ، وحيث يلتمس الناس بأجمعهم حتى الرسل والأنبياء الشفاعة منه (ص) لأنّها الصراط الأقرب إلى الجنة. جاء في الحديث عن سماعة بن مهران قال : قال أبو الحسن (ع) : «إذا كانت لك حاجة إلى الله فقل : «اللهمّ إنّي أسئلك بحقّ محمّد وعليّ فإنّ لهما عندك شأنا من الشأن» فإنّه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا مؤمن ممتحن إلّا وهو يحتاج إليهما في ذلك اليوم» (١) وعن الامام الصادق (ع) : «ما من أحد من الأوّلين والآخرين إلّا وهو يحتاج إلى
__________________
(١) بحار الأنوار / ج (٨) ص (٥٩).