الأرض بعدها صالحة للحياة عليها.
[١٣ ـ ١٦] (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ)
وهي السفينة التي تتكوّن من الجذوع المقطّعة شرائحا ، ولا يقال لوح إلّا للصفائح ، أمّا الدسر فهو ما يشدّ الألواح إلى بعضها ، سواء كان ذلك المسمار أو الحبل أو غيرها ، وإذ يتعرّض القرآن إلى المواد الأوّليّة التي تتألّف منها سفينة نوح فلكي يؤكّد بأنّ الأمر لم يكن صدفة ، بل هو مقدّر تقديرا حكيما من قبل الله ، وإلّا كيف ينجو راكب سفينة هذه طبيعتها من الغرق بطوفان هائل أمواجه كالجبال؟!!
ويؤكّد القرآن على هذه الحقيقة مرة أخرى ، حينما يبيّن بأنّ سير الفلك في غضب الطوفان وبالتالي نجاة ركّابها كان برعاية مباشرة من الله ، وفي ظلّ رحمته.
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ)
وعين الله لطفه ورحمته ورعايته لنبيّه (ع) إذ نجّاه ومن معه جزاء معاناته وإيمانهم ، فقد لبث في قومه مدّة طويلة يدعوهم إلى الله بإلحاح رغم كفرهم به وأذاهم له ، ولم تكن نجاته صدفة ، ولا لعنصره ، ولا لركوبه في السفينة وحسب ، بل لعمله وسعيه ، إذ أكّد ربّنا أنّه كان جزاء لنوح الذي كان قد كفر من لدن أولئك الكافرين ، وهذا رأي في التفسير ، وهناك آراء أخرى لا أراها تنسجم مع ظاهر السياق.
وفي الوقت الذي دمّر الله أولئك ونجّى هؤلاء ، أبقى قصصهم ـ وربما السفينة أيضا ـ علامة تهدينا إلى الحق ، ولكن لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
(وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)