جعله عربيّا مبينا ، وأنزله في أرفع الأساليب البلاغية والنفسية والعقلية فإذا به الحكمة البالغة ، والقصص القرآني التي تبلغ (٤٠ خ) من عموم آياته تقريبا هي من أبرز معالم منهجه في تيسير التذكرة ، لذلك نجد الآية الكريمة : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) تتكرّر في هذه السورة بعد كلّ قصّة مباشرة ، وهي قصص واقعية بتفاصيلها التي تعرّض لها القرآن.
إذن لا نقص في كتاب ربّنا سبحانه ، ولا غموض ، ولا يكلّف الإنسان أكثر من وسعه ، بل هو ميسّر ، وإذا كانت ثمّة تزمّت أو تعقيد عند بعض المؤمنين به فهو من عند أنفسهم ، ولأنّ قلوبهم قد ملئت بثقافات دخيلة ، بأساطير الشعوب البدائية ، بأفكار الجاهلية الوافدة ، بالاسرائيليّات المتلصلصة إلى كتبهم ، وبالعقد المتراكمة من جرّاء التخلّف ، وإذا لم يتذكّر البشر به فلا حجّة له.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
والسعيد من صدّق بالقرآن وتذكّر به فتجنب العذاب.
[١٨ ـ ٢٠] إنّ الله ضرب للبشر مثلا من واقع المكذّبين وعاقبتهم بقوم نوح (ع) ، ولكنّ الأهم بيانه مصير أولئك الذين لم ينتفعوا بتجارب السابقين من الأقوام ، تحذيرا للناس من تكذيب القرآن وعصيان الرسول.
إنّ الله ترك قصص قوم نوح آية للّاحقين ، وكان بإمكان من بعدهم أن يتجنّبوا غضب الله لو اعتبروا بها ، ولكنّهم كذّبوا فحلّ بهم العذاب.
(كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)
وعاد هم القوم الذين أرسل إليهم النبيّ هود (ع) فلمّا كذّبوه أهلكهم الله