بالريح ، وهذا نذير آخر لنا يسوقنا إلى التصديق بالرسالة.
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً)
وهي الريح شديدة البرد ، وذات الصوت الرهيب ، عن عليّ بن إبراهيم (١) ، وأصله الصرير ، وعن أبي بصير قال : قال أبو جعفر (ع) : إذا أراد الله عزّ ذكره أن يعذّب قوما بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموكّل بذلك النوع من الريح التي يريد أن يعذّبهم بها ، قال : فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب ، قال : ولكل ريح منهم اسم (٢) والذي يجعل الريح ذات أثر أعمق أنّها أرسلت في يوم رفع الله عنه الرحمة.
(فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)
دائم ، بدأ في الدنيا بثمانية أيّام حسوما ، ولكنّه يمتدّ إلى الآخرة حيث العذاب المقيم ، وإنّما أرسل الله عليهم الريح تقتلعهم من الأرض لأنّهم تكبّروا على الحق ، وتحدّوا هودا وربّه ، وجحدوا بالآيات ، فكانوا يتصوّرون أنّهم باقون وأنّه لا غالب لهم ، قال تعالى : (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ* فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) (٣) ، ويشير هذا النص القرآني إلى الفكرتين المتقدّمين وبالربط مع قوله تعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) (٤) نفهم أنّ «مُسْتَمِرٍّ» صفة للنحس وليس لليوم ، لأنّ اليوم ينقضي
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٥) ص (٤٠١).
(٢) المصدر / ص (١٨١).
(٣) فصلت / (١٥ ـ ١٦).
(٤) الحاقة / (٧).