ويأتي آخر غيره ، بينما بقي النحس عاملا مشتركا مستمرا.
أمّا ما قيل من أنّ النحس مختص ببعض الأيّام كالأربعاء أو الثالث عشر من كلّ شهر فإنّه بعيد ، لأنّ الأقدار ليست مرهونة بالأيّام ، بل بعمل الإنسان فردا ومجتمعا ، فاليوم الذي يطيع الله فيه ويعمل صالحا هو يوم خير وبركة ويمن ، سواء في الدنيا حيث الشعور بلذة فراغ الذمة وأداء الواجب ، وجلب التوفيق ، أو في الآخرة حيث يرقى به درجة من الرضى والجنة ، وهكذا اليوم الذي تتنزّل فيه رحمة الله وآلاؤه مبارك وسعيد ، كيوم أنزل المائدة على بني إسرائيل وحواري عيسى (ع) ، وليلة أنزل القرآن على نبيّه التي هي خير من ألف شهر ، وفي المقابل يكون يوم المعصية يوم نحس ، يقطع عن صاحبه التوفيق ، ويجعله عرضة لسخط ربّه في الدنيا والآخرة. أترى كيف صار عقر الناقة سببا لدمار أمّة برمّتها؟
قال سويد بن غفلة : دخلت عليه (يعني الامام علي (ع) فإذا عنده فاثور (خوان) عليه خبز السمراء (الحنطة) وصفحة فيها خطيفة (اللبن يختطف بالملاعق) وملبنة (ملعقة) فقلت : يا أمير المؤمنين يوم عيد وخطيفة؟! فقال : «إنّما هذا عيد من غفرله» (١)
وعنه أيضا : «إنّما هو عيد لمن قبل الله صيامه ، وشكر قيامه ، وكلّ يوم لا تعصي الله فيه فهو يوم عيد» (٢).
وتتصل الآيات تحدّثنا عن عاقبة المكذّبين من قوم هود (ع) لتضع أمام أعيننا لقطات رهيبة من العذاب ، وما فعلته الريح بهم إنّها من الشدة بحيث تنتزع الإنسان من الأرض ، كما تنزع أعجاز النخل المسنّة اليابسة المنخورة من جذوعها لتلقي بها أرضا من أساسها!
(تَنْزِعُ النَّاسَ)
__________________
(١) بح / ج ـ ص (٧٣).
(٢) نهج / حكمة (٤٢٨).