من بينهم وهو لا يضاهيهم مالا ولا أتباعا ، بل اتهموه بأرذل أنواع الكذب.
(أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ)
قال البعض : الأشر الذي يتجاوز الحد في الكذب ، ويبدو أنّه الطمع في الرئاسة بلا استحقاق لها ، ولعلّ معنى كلام سيد الشهداء الامام الحسين (ع): «إنّي لم أخرج (أشرا) ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا» أنّني حيث نهضت وطالبت بالامامة فهي من حقّي ، ولست أدّعي ما هو للغير ، وظاهر كلمة «مِنْ بَيْنِنا» في هذه الآية يؤيد هذه الفكرة ، لأنّ المعنى بها يكون : إنّه طلب يصلح ويحق لنا دونه ، وربما دلّت هذه التهمة الباطلة على أنّ خشية أولئك الكافرين من تحويل الرئاسة عنهم كانت وراء تكذيبهم برسالة صالح ، حيث أنّهم اتهموه بأنّه طالب رئاسة بالباطل قياسا على أنفسهم الذين تسلّطوا على الناس بغير حق.
[٢٦] وأمام هذا المنطق المتوغّل في التكبر على الحق ، والاستهزاء بوليّ الله ورسوله صالح (ع) ، والإعراض عن الآيات والنذر ، ومن ثمّ مبارزة الحق تعالى ، يتوعّدهم ربّنا بالعذاب.
(سَيَعْلَمُونَ غَداً)
في المستقبل الدنيوي والأخروي إذا نزل بساحتهم العذاب.
(مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ)
وحينئذ سيكتشفون مدى ضلالتهم وهوانهم على الله ، كما يوقنون عين اليقين صدق النذر ، ولكن دون جدوى ، لأنّ العلم والايمان ينفعان ما بقيت فرصة للتغيير والعمل ، والآية تهدينا إلى أنّ حبل الكذب قصير ينقطع بصاحبه سريعا ، وعاقبته