الخسران ، لأنّه يخالف سنن الله في الحياة.
[٢٧ ـ ٢٩] ومنذ أوحى الله إلى نبيّه بذلك الوعيد كان عالما بعاقبتهم ، قادرا على إبادتهم ، ولكنّه ـ وقد كتب على نفسه الرحمة ـ لا يأخذهم بالعذاب قبل النذر ، لأنّ حكمته اقتضت أن يجعل لنفسه الحجة البالغة ، لئلّا يقول الناس : (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١) ، لذلك شاء وقضى أن يظهر لهم آيات العذاب أوّلا.
(إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ)
نبتليهم ونمتحنهم بها ، وحينما يتعرّض المجتمع للفتنة فإنّ مسئولية القيادة الرسالية وكذلك المؤمنين أن يكونوا شهداء لله عليه ، بالدعوة إلى الحق ، وبيان البصائر والمواقف المطلوبة أثنائها ، والتصدّي لقيادته ، وأن يستعدوا لهذه المسؤولية الحسّاسة ، ويتحمّلوا من أجلها الضغوط المختلفة ، ويستقيموا صامدين حتى يحكم الله تعالى.
(فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ* وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ)
وبين الناقة التي أخرجها الله من الجبل «قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ» (٢) وكانت القسمة واضحة مقبولة لأنّها تمّت بحضورهم ورضاهم ، فكلّ صاحب يوم يحضر شربه في يومه.
(كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ)
__________________
(١) القصص / ٤٧
(٢) الشعراء / ١٥٥