وموقف المجتمع فيقول : «إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها» (١) ولا ينبعث الإنسان إلّا إذا كان نفسه متحفّزا نحو ما ينبعث إليه ، ولا يجد ما يمنعه من نفسه ولا من خارجها ، وهذا حال الأشقى الذي ضرب عرقوب الناقة وقتلها.
(فَعَقَرَ)
[٣٠ ـ ٣١] ولم ينتبه هو ولا من حوله بأنّه يبارز الله بعمله ، فنزل العذاب بساحتهم ، والإنسان لا يتصوّر أنّه ينتهي إلى عاقبة كهذه لسبب يبدو تافها في نظره ، إذ قدرة الإنسان على استيعاب كل ظواهر الخليقة وعواملها قدرة محدودة ، لذلك جاء القرآن ليرفع الإنسان من حالة الشيئية واللهو إلى القيمة والجدّ.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)
بقدر ما كانت النذر مبينة بالغة كان العذاب مهولا ورهيبا. ويبيّن الوحي واقع ذلك العذاب فيقول : إنّه لم يكن صدفة ، بل كان مرسلا من عند الله ، بلى. قد يأتي العذاب ضمن سنن الحياة الطبيعية والاجتماعية ، ولكنّ السنن لا يمكن أن تتحرك في الفراغ ، وبعيدا عن تدبير الخالق وهيمنته ، وهذا البلاغ الالهي يضع حدّا لمشكلة عميقة هي تفسير ظواهر الخلق تفسيرا ماديّا محضا دون التوغّل إلى خلفيّاتها المتصلة بسلوك البشر ، الأمر الذي يصرفه عن العبرة والتذكرة.
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً)
صوتا هائلا صاعقا ، ربما يشبه انفجار القنبلة الذرية في العصر الحاضر أو أعظم ، فعن أبي بصير عن الامام الصادق (ع) قال : «فلمّا كان نصف الليل أتاهم جبرئيل فصرخ بهم صرخة ، خرقت تلك الصرخة أسماعهم ، وفلقت قلوبهم ،
__________________
(١) الشمس / ١٢