النعم (الجنات والنهر ، وحبّ الله وجواره) يلبّيان تطلّعات المؤمن المادية والمعنوية إلى أقصاهما.
والمليك هو مالك الأشياء المهيمن عليها ، ولكن قد يوجد من هو أقوى منه ، إلّا أنّ ذلك ينتفي بإضافة «مُقْتَدِرٍ» ، وفي هاتين الصفتين ضمان للمؤمنين بأنّ ما يوعدون واقع حاصل ، لأنّ الذي يعدهم يملك ما وعدهم ، ويقدر على تحقيقه فهو لا يمنعه مانع ، كقدرته على إنزال العذاب بالمكذّبين ، بلى. إنّ المؤمنين يتطلّعون إلى نعيم الآخرة ، ولكن طموحهم الأكبر يبقى هو جوار الله ورضاه ، فهذا زين العابدين وسيّد الساجدين يناجي ربه : «فقد انقطعت إليك همّتي ، وانصرفت نحوك رغبتي ، فأنت لا غيرك مرادي ، ولك لا لسواك سهري وسهادي ، ولقاؤك قرّة عيني ، ووصلك منى نفسي ، وإليك شوقي ، وفي محبّتك ولهي ، وإلى هواك صبابتي ، ورضاك بغيتي ، ورؤيتك حاجتي ، وجوارك طلبي ، وقربك غاية سؤلي ، وفي مناجاتك روحي وراحتي ، وعندك دواء علّتي ، وشفاء غلّتي ، وبرد لوعتي ، وكشف كربتي ، فكن أنيسي في وحشتي ، ومقيل عثرتي ، وغافر زلّتي ، وقابل توبتي ، ومجيب دعوتي ، ووليّ عصمتي ، ومغني فاقتي ، ولا تقطعني عنك ، ولا تبعدني منك ، يا نعيمي وجئتي ، ويا دنياي وآخرتي ، يا أرحم الراحمين» (١).
ونقرأ في دعاء كميل : «يا وليّ المؤمنين ، يا غاية آمال العارفين ، يا غياث المستغيثين ، يا حبيب قلوب الصادقين».
__________________
(١) مفاتيح الجنان / مناجاة المريدين.