الشمس والقمر ، والنجوم والشجر ، والسماء ، والميزان ، وهكذا الأرض وما تحتويه كلّها نعم ، وكلّها خلقت ولا زالت تؤدي دورها ضمن نظام محكم في صالحه .. لذلك تجد سلوكه تجاه الخلق سلوكا وديعا نابعا من حبّه له ، فهو يأبى أن يسلب نملة جلب شعيرة ، وإذا مشى على الأرض وطأها برفق وهون.
بينات من الآيات :
[١] [(الرَّحْمنُ)]
هكذا تأتي هذه الكلمة وحدها آية قرآنية ، ولعلّها أقصر آية بعد الحروف المقطّعة ، ولكنّها من حيث المعنى تشكّل محورا في السورة بتمامها ، يتصل بآية آية فيها ، ويعكس ظلّه على كلماتها ، وحينما تنطلق من هذه السورة المباركة إلى العالم الواسع تجد هذا الاسم الالهي منبسطا على كلّ مفردة فيه ، لأنّه تعالى كتب الحياة بلغة الرحمة واللطف ، ولك أن تتصور كم ينبغي أن يكون الإنسان ضالا ومجرّدا عن أي إحساس حتى يكون جاهلا بربّه وبرحمته ، بل جاحدا بآلائه ، حتى يتساءل بصلافة : «وَمَا الرَّحْمنُ»؟! (١) إنّه لا شك أقلّ قدرا ووعيا من البهيمة ، لأنّها تعي رحمة ربّها ، وتؤمن به بقدر شعورها ، بينما الإنسان وقد أعطاه الله العقل ولكنّه لا ينتفع به! وصدق عزّ وجلّ حين قال عنهم : «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً» (٢)
[٢] إذا تعال معا نستمع الوحي وهو يعرّفنا جانبا من رحمة الله ، ويهدينا إلى تجلّيات اسم الرحمن في الخلق وفي أنفسنا قبل ذلك.
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ)
__________________
(١) الفرقان / ٦٠
(٢) الفرقان / ٤٤