الخطيئة بتلك النعم ، فاذا به يسخّر البيان من أجل الباطل.
[٥ ـ ٦] ومن الحديث عن آثار رحمة الله في كيان الإنسان تنقلنا الآيات إلى آفاق العالم لعلّنا نرى فيها تجلّيات اسم الرحمن ، هكذا يوصل القرآن الحديث عن الإنسان والكون لكي يخرجنا من قوقعة الذات الى الآفاق الواسعة ، لكي يؤكد لنا بأن الكائنات جميعا خاضعة لله ، حيث يؤدي كلّ شيء دوره وهدفه من الخلق بالتزامه بالنظام الذي رسمه الله له. أنظر الى الشمس تجدها تتحرّك بدقة متناهية جدا ، وبتناسق رائع مع حركة القمر ، (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (١). إذن فأي خروج من قبل الإنسان عن حدود الله هو شذوذ وشقاق وضلال وتيه.
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ)
لقد خلق الله الخلق متناسقا يكمل بعضه بعضا ، فلو لا الإنسان ما خلق الله الشمس والقمر والنجوم ، والشجر ، والسماء والأرض وما فيهما ، ولو لا هذه الأشياء ما كان للإنسان أن يجد سبيلا للحياة .. والشمس والقمر لهما آثار مباشرة في حياة الإنسان ، بل في الحياة على كوكبنا كلّه ، فالشمس توفّر لنا الضوء ، ولها صلة ماسّة بالنباتات على الأرض ، وهكذا يؤثر القمر في بحار الأرض ومحيطاتها ، وفوائد أخرى لهما لا يزال العلم الحديث يحث الخطى لاكتشافها ، ولكن تبقى أعظم فائدة لهما ولكلّ شيء أنّهما آيتان تهديانا إلى الله ، ونلمس هذا الهدى بصورة أجلى وأفضل بالاطلاع على دقّة النظام الذي يتحكّم فيهما.
فلو أنّ الشمس اقتربت إلى الأرض أو ابتعدت عنها أكثر ، أو تبدّل نظامها في الغروب والشروق ، أو تصاعدت حرارتها أو انخفضت ، لأصبحت الحياة صعبة أو
__________________
(١) يس / ٤٠