الاجتماعي يلتقي المؤمنون بالكافرين وتبقى بينهما الفواصل.
اما البرزخ الذي يقف حائلا بين البحرين فقد يكون جسما ماديا كاليابسة تفصل بين بحر وآخر ، ولو طغت البحار عليها لانعدمت حياة الإنسان فوقها ، أو الغشاء الذي يمنع صفار البيض من الاختلاط ببياضها لو كانا يختلطان لما صلحت البيضة ان تكون فرخا ولانقرضت الطيور بأنواعها. وقد يكون البرزخ هو السنن والقوانين الطبيعية كالجاذبية والكثافة والخصائص المختلفة للخليطين ، وقد يكون القيم والثقافة التي يؤمن بها كلا التجمعين الكافر والمؤمن ، وكلها لا شك من صنع الله ، ومظهر لهيمنته على الحياة ، ورحمته بالإنسان إذ جعل التنوع والحدود قائمين في ذات الوقت ، أليس ذلك يدل على حسن النظم ، ودقة التدبير ، ومتانة الصنع ، وعزة الخالق وحكمته؟
وحينما ندقق النظر ونركز الفكر في هاتين الآيتين نجدهما بكل كلمة وردت فيهما تعبير عن رحمة الله وإشارة إليها ، أترى لو طغت البحار على اليابسة أو على بعضها وانعدمت الفوارق هل ذلك في صلاح الإنسان؟ كلا .. ثم ان القرآن يقول «مَرَجَ» وهو الحركة الذاتية في كلا البحرين بفعل التموجات كما يقول «يَلْتَقِيانِ» إشارة الى الحركة الثنائية ، وهما معا رحمة إلهية ظاهرة ، فلو جعل الله البحار راكدة لأسن ماؤها وتعفن وبالتالي استحال عيش الأسماك والكثير من الأحياء الاخرى فيها ، وما كان الإنسان يستخرج منها حلية ولا لحما طريا. ثم انه جعل البحار متصلة تلتقي ببعضها ليسهل على الأحياء البحرية الانتقال مهاجرة عبرها ، ويسهل السفر الى أكثر نقاط العالم. ولو لم تكن الأنهار ـ وبالذات الكبيرة منها ـ تلتقي بالبحار لتصب فيها فائض مياهها لكانت تطغى وتهلك الحرث والنسل.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)