«كل دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو أبتر» (١) ، وقال الرسول (ص) : «صلاتكم علي إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم» (٢) «ولا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وآل محمد» (٣) وقال الصادق (ع) : «إنما هي المدحة ، ثم الإقرار بالذنب ثم المسألة» (٤) والخلق كله في وجوده وتوفيقاته يحتاج الى السؤال من الله لحظة بلحظة ، وحيث لا يستطيع العبد أن يعرف ربّه ولا يتصل به مباشرة لذلك جعل أسماءه ، وعرفنا عليها رحمة بنا ، فنحن نسأله بأسمائه وفي الدعاء : «أسألك باسمك الذي أشرقت به السماوات والأرض ، وصلح به أمر الأولين والآخرين».
بلى. قد يضل الإنسان ويكفر بالله فلا يسأله أو يدعوه بلسانه ، ومع ذلك فانه لا يستطيع أن ينكر ربه في نفسه ، بل ويظهر فيه الاعتراف به تعالى ، والاستكانة والحاجة ساعة الضيق والجرح ، (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٥).
لقد تسربت بعض الفلسفات الجاهلية القديمة الى الأديان فزعموا ان السؤال لا ينفع شيئا ، وحكى الله عنهم ذلك في كتابه إذ قال : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) (٦) وهكذا تسربت هذه الفلسفة الموغلة في الضلال الى أذهان البعض من المسلمين تحت عناوين مختلفة ، كالجبرية والقدرية ، فاعتقدوا ان الله كتب أقدار الخلق ، وأنه لا
__________________
(١) المصدر / ص ٣٢١
(٢) بح / ج ٩٤ ص ٥٤
(٣) بح / ج ٩٣ ص ٣١١
(٤) المصدر / ص ٣٨١
(٥) لقمان / ٣٢
(٦) المائدة / ٦٤