يدعو ربه (زِدْنِي عِلْماً) (١) وهو أرفع الناس درجة وأقربهم منزلة الى الله ، ولكن الوحي يأمره بان يتطلع الى المزيد من الشأن والرفعة (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (٢) ويأمرنا بأن نصلي عليه في كل شارق وغارب حتى يزيده الله من فضله فنقول اللهم آت محمدا أفضل ما سأل وأفضل ما سئل له وأفضل ما أنت مسئول له الى يوم القيامة لماذا؟ لان نعمة الله لا تنتهي ، وهكذا لا بد أن يكون طموح المخلوق. وإنها دعوة الى التفكير في طموح أكبر ، والعروج الى منزلة أرفع عند الله. ومن وصايا الامام علي (ع) لابنه الحسن (ع) : «اعلم ان الذي بيده خزائن ملكوت الدنيا والآخرة قد أذن لدعائك ، وتكفل لإجابتك وأمرك أن تسأله فيعطيك ، وهو رحيم كريم لم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ، ولم يلجئك الى من يشفع لك اليه ، .. ثم جعل في يدك مفاتيح خزائنه بما أذن فيه من مسألته ، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه» (٣) والذي أعطي السؤال لا يحرم الاجابة ، فالسؤال والبداء مظهران جليان لاسم الرحمن ، ونعمتان عظيمتان للخلق من الله.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
إنها من الظهور والكثرة بما لا يمكن إنكارها ، ولكن الخلق يكذبون ، ومن أبرز عوامل التكذيب لدى البشر الشرك بالله ، فاذا به يعبد البقر لأنها تدر عليه الحليب ، ويعبد النار لأنها تدفئه وينتفع بها في الطهي ، بينما الله هو ربه وربهما ، واليه ينبغي الاعتراف بالفضل ، وصرف الشكر. والسؤال كيف يكذب الإنسان بنعمتي الدعاء ، والبداء؟ إن ذلك يكون حينما ينكر حقيقة البداء ، أو نعمة الدعاء فيحرم نفسه من معطياتهما.
__________________
(١) طه / ١١٤
(٢) الإسراء / ٧٩
(٣) نهج / كتاب ٣١