أمّا المحروم فهو الذي ضاقت عليه مذاهب الاكتساب ، فكلّما سعى لم يقدر على تأمين معاشه ، ويسمّى بالمحارف ، جاء في حديث مأثور عن الإمام الباقر (عليه السلام)
(الْمَحْرُومِ) الرجل ليس بعقله بأس ، ولا يبسط له في الرزق ، وهو محارف» (١)
قالوا : المحارف الذي لا يتيّسر له مكسبه قال رجل محارف (بفتح الراء) أي محدود محروم ، وهو خلاف قولك : مبارك (٢).
ويبدو أنّ المحروم هو الذي حرم رزقه ، سواء بسبب جائحة ، كما جاء في الآية حكاية عن أهل الجنة التي احترقت : «بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ» ، أو بسبب إدبار الحياة عنه ، وقلّة حظّه في المكسب.
ويبقى سؤال : ما هذا الحق الذي في أموال المتقين ، هل هو الزكاة المفروضة كما قال البعض أم أنّه حق آخر؟
يبدو أنّه حق غير الحقوق الشرعية ، لأنّها مفروضة على أموال كلّ الناس دون المتقين منهم ، لذلك جاء في الحديث المروي عن أبي بصير قال : كنّا عند أبي عبد الله (الإمام الصادق عليه السلام) ومعنا بعض أصحاب الأموال فذكروا الزكاة فقال أبو عبد الله :
إنّ الزكاة ليس يحمد بها صاحبها ، وإنّما هو شيء ظاهر ، إنّما حقن بها دمه ، وسمّي بها مسلما ، ولو لم يؤدّها لم تقبل له صلاة ، وإنّ عليكم في أموالكم
__________________
(١) المصدر / ص ١٢٣
(٢) القرطبي / ج ١٧ / ص ٣٨.