النفس والعقل عن الإنسان لينطلق نحو تطلعاته وأهدافه الكبرى. ولكن الإسلام الى جانب ذلك لا يطلق الثقة هكذا بلا حد لكي لا تصبح تمنيات وأحلاما ، إنما يؤكد ان الثقة وحدها لا تصل بالإنسان الى طموحاته ، ولا تحقق أهدافه ، بلى. هي الوقود الدافع له من داخله ، وحتى ينطلق في الواقع العملي ، لا بد أن يحصل على سلطان ، وهو العلم الذي يتحول الى برنامج ، فقدرة فعلية.
(لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ)
اللام هنا ليست للنهي وإلّا جاء الفعل بعدها مجزوما بحذف النون ، إنما هي للنفي ، وهذا يعارض قول من قال ان ظاهر الآية هو التحدي. نعم ربنا يتحدى الجن والانس إذا حاولوا النفاذ من دون سلطان ، لان في الطبيعة قوانين وواقعيات ، والهيمنة عليها وتسخيرها ممكن ولكن بما هو فوق ذلك كله من السلطان.
إن الإنسان البسيط الذي يعيش على ساحل البحر ، ويأكل ويسترزق من صيده نهارا ثم يعود الى بيته ليلا كل يوم ، يطبق من القوانين والسنن الحياتية الشيء القليل ، أما الذي يعيش الحياة العلمية المعقدة ، كرائد الفضاء الذي يريد الصعود الى القمر ، أو الى كوكب آخر أرفع منه ، فانه لا ريب سيواجه عشرات الآلاف من القوانين ، فهو بحاجة الى معرفتها بدقة ليتسنى له القدرة على تسخيرها لأن أعظم وسيلة لتسلط الإنسان على الطبيعة هي العلم ، وقد أنعم الله علينا بذلك كما أودع الطبيعة حالة الاستجابة لنا.
ثم ان التكذيب بواحد من القوانين أو الحقائق الواقعية من قبلنا كفيل بأن يقطع الطريق علينا فلا نصل الى ما نريد.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)