إن من نعم الله علينا أن جعل نفاذنا من أقطار السماوات والأرض ممكنا ، وجعل في ذلك خيرا كثيرا للبشرية ، ولكننا قد نكذب بهذه النعمة إذا كفرنا بهذه المقدرة رأسا كما فعل آباؤنا أو حققنا ذلك ثم سخرناه في الأمور الضارة كالتكبر في الأرض ، أو إذا عصينا ربنا بدل شكره على هذه النعمة الكبرى ، وهو حينئذ سوف يعذبنا ولن نجد لنا وليا ولا نصيرا ، حيث تحببها نار بلا دخان شديدة اللهب ، عظيمة الحر.
(يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ)
ولعل الآية هذه تشير هنا إضافة الى الفكرة الآنفة الى حقيقة علمية ، وهي الأخطار التي تعترض طريق الإنسان في الفضاء ، وتمنعه من الوصول الى النقطة التي يريد كالقمر ، ومنها كما يصرح القرآن ويؤكده العلم الحديث الغازات المشتعلة ، والكتل المعدنية الملتهبة التي تسمى بالنيازك والشهب ، وهذه هي الأخرى بالاضافة الى القوانين والموانع الأخرى التي تمنع النفاذ ينبغي للإنسان أن يتسلط عليها ، فيقاومها وينتصر عليها أو يتجنبها ، فاذا كفرنا بهذه السنة وحاولنا النفاذ بلا سلطان اعترضتنا هذه العقبة ، كذلك حين يكفر الإنسان بواحدة من سنن الله في المجتمع والنفس فانه يكتوي بنار لاهبة. أجارنا الله من نقماته في الدنيا وعذابه في الآخرة.