يبسط الرزق لمن يشاء ، والذي نعمه لا تعد ولا تحصى ، ويعلم الله كم تسبب هذه النظرة الموغلة في السلبية في العقد والانحرافات النفسية والاجتماعية عند الإنسان ، فهي التي تغل فاعلياته وتمنعه من السعي ، ولماذا يسعى وهو يائس من التوفيق والنجاح؟
بينما النظرة الايجابية الى أسماء الله ، بالتعرف عليها والايمان بها ، تملأ القلب أملا ورجاء وتبعث بالإنسان نحو السعي والنشاط ، وتفجر الطاقات الكامنة في شخصيته ، انه حينئذ ينفق ويضحي في سبيل الله ومن أجل مبادئه ، راضيا بما يفعل ، مطمئنا الى رحمة ربه ، وفي الخبر «من أيقن بالخلف جاد بالعطية» (١) وكيف يوقن أحد بالخلف فيعطي أو يقلع من ذنوبه واخطائه وهو لا يعرف ربه بالرحمة والغفران؟! لا ريب انه لن ينفق ولن يتوب.
ولذلك يسعى القرآن بمنهجيته الحكيمة التي يلمسها المتدبر في آياته مواجهة النظرة السلبية المقيتة ، وبث البصيرة الإيجابية في ردع البشر تجاه ربه وحيث تدعونا هذه السورة الى التعرف على اسم (الرحمن) ، وتذكرنا بمظاهر هذا الاسم في الخليقة ، والآيات الهادية اليه فانها تحذرنا من التكذيب بها ، بذكر جانب من عذاب المجرمين الذين صاروا الى الجريمة بسبب تكذيبهم كما ترغّبنا في التصديق بها ، من خلال التفصيل في بيان جزاء الذين عرفوا الرحمن حق معرفته ، وقدروه حقّ قدره فخافوا مقامه.
بينات من الآيات :
[٣٧ ـ ٣٨] يمكن للإنسان في الدنيا أن يكذب بآلاء ربه (نعمه وآياته) أو يتملص من تطبيق الحق ، ويبرر ذلك بمختلف الحجج الواهية ، لأن الله أمهله فيها
__________________
(١) بح / ج ٦ ص ١٣٣