(فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)
ويكفي بهذا رادعا لنا عن المعاصي ، والتكذيب بالنعم والآيات ، الذي هو من أكبر الذنوب.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
[٤١ ـ ٤٢] ان المحاكم في الدنيا تقام من أجل معرفة المجرم ، اما في الآخرة فهي تقام لغرض آخر ، وهو إثبات العدالة الإلهية اثباتا عمليّا للخلق ، فليس معنى «لا يُسْئَلُ» انهم لا يحاكمون البتّة ، لان الله يقول : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (١) وقال : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ* مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ* وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢).
عن الذنوب هل هي من قبلهم أم لا .. فهم معروفون عند الله. ولكن هذا الايقاف ليس لسؤالهم وانما السؤال للتبكيت والتقريع. إذا لا ينبغي أن نختفي وراء جدر التبرير والأعذار لاننا لن نجد مجالا يومئذ لبيانها حتى تقبل أو ترد.
وقيل : ان فريقا من المجرمين وهم أئمة الاجرام والكفر والموغلين في الانحراف لا يسألون حتى مجرد السؤال وانما يؤمر بهم الى جهنم مباشرة حيث العذاب ، ولا يعطون فرصة لسؤالهم إمعانا في تحقيرهم وإهانتهم وعذابهم ، قال رسول الله (ص) : «ان الله عزّ وجلّ يحاسب كل خلق إلّا من أشرك بالله عزّ وجلّ فانه لا يحاسب ، ويؤمر به الى النار» (٣) وقال : «ستة يدخلون النار بغير حساب منهم الأمراء
__________________
(١) الانعام / ٣٠
(٢) الصافات / ٣٢ ـ ٣٤
(٣) بح / ج ٧ ص ٢٦٠