ولنا ان نتصور رهبة الناس عند ما تضطرب الأرض من تحتهم ، فهل يبقى ما يعتمدون عليه؟!
[٥] وإذا كانت الأرض أعظم ركائز السكينة والطمأنينة تتزلزل من تحتنا ، فان الجبال وهي أكبر ركائز الثقة والثبات تتفرق وتتبدد ، فهل تبقى قائمة للماديين الذين خالفوا القيم ، وكذبوا بالحق اعتمادا على الكائنات الموجودة ، على التراب استخرج منه ، أو نبت فيه ، أو بني عليه ، وعلى الجبال وما شابهته من الصخر والحديد؟
(وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا)
أرأيت الحية كيف تذهب في الأرض ، كأنها تذوب فيها ، أرأيت الماء كيف يتفرق في الرمال العطشى؟ أرأيت كيف يتفتت الثوب حينما يصبح خلقا باليا؟ هكذا الجبال الراسيات تتفرق في كل اتجاه ، كما يتفرق العهن المنفوش إذا تواصلت عليه الأعاصير الهوج.
[٦] فاذا بسّت الجبال انتشرت في الفضاء كما الرهج الذي يسطع من حوافر الدواب ثم يذهب حسب ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
(فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا)
وقال البعض : الهباء : هو الشعاع الذي يكون في الكوة كهيئة الغبار ، ولعل الجاذبية تنعدم مما تجعل الصخور تفقد تماسكها الداخلي ، فتتفتت الى ذرأت متناهية في الصغر ، ولعلها تتلاشى كما الشرر المتطاير من النار ، فاذا وقع على شيء لا تجده شيئا حسب تفسير آخر لكلمة الهباء.