وقالوا : المنبث المتفرق كما قال ربنا : «وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ» (١) وحال الجبال في الواقعة يعكس واقع أعمال الكفار ، وما يعتمدون عليه في الدنيا ، من سلطة وثروة وجاه. إنّ كل ذلك ليس في الحقيقة إلّا ضلال كما ظلال الجبال ، تحسبها شامخة فاذا اتكأت عليها ما أغنت عنك شيئا.
[٧] وإذا كانت الماديات بكل ضلالها وغرورها كما الجبال يوم القيامة ، فان أسباب التفاخر في الدنيا ، وعوامل التمايز بين طوائف الناس ما هي إلّا باطل ، بلى. يتفاضل الناس بايمانهم وأعمالهم ، لا بألوانهم وألسنتهم وثرواتهم ، ومناطق توالدهم وتواجدهم ، كما يزعم أهل الدنيا.
(وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً)
كنتم في يوم القيامة ثلاثة أصناف ، كما أنتم في الدنيا ثلاثة أصناف ، الا انكم اليوم محجوبون عن حقيقة أنفسكم وحقيقة ما به تتفاضلون.
قالوا : إنّما سمّوا «أَزْواجاً» لأن كل صنف يتماثل أبناؤه كما يتشابه الزوج زوجته (٢)
وقال البعض : لا تعني كلمة الزوج دائما الذكر والأنثى ، بل قد تعني الجماعات المتقارنة وباعتبار تقارن الأصناف في القيامة سمّوا أزواجا (٣) ويبدو أن هذا المعنى أقرب.
[٨] (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ)
__________________
(١) البقرة / ١٦٤ ـ لقمان / ١٠
(٢) القرطبي / ج ١٧ / ص ١٩٨
(٣) تفسير نمونه / ج ٢٣ / ص ٢٠٢