المشهود فيما يتصل بخالق الطبيعة ، ويعرفون أنّ كلّ شيء في الخليقة آية ظاهرة لخالقها العظيم ، كما أنّ انعكاسات النور شاهدة على وجود مصدره (الشمس) ، وتعالى الله عن الأمثال.
ومن هنا كانت آيات الله في الأرض تتجلّى للمؤمنين بصورة أبهى وأسنى ، أمّا غيرهم فإنّ جمال المظهر يشغلهم عن ينبوع النور والجمال والبهاء ، لأنّ نظرتهم قاصرة ، وهمّتهم محدودة ، فلا تتجاوز الحقائق الجزئية والدّانية.
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ)
المنهج القرآني الذي يكشف حجب العناد والريب والغفلة عن بصائر الناس ، ويجعلهم يتفكّرون في غيب السموات والأرض ، ولا ينظرون فقط إلى ظاهر الحياة الدنيا ، بل يجعلون كلّ ظاهرة جسرا إلى غيبها ، وكلّ حدث نافذة إلى رحاب الحقيقة الأكبر منه.
بلى. هذا المنهج القرآني المعجز يصل الإنسان بالخليقة عبر جسر الإيمان ، حتى ليصبح كلّ شيء من حوله ناطقا يناجيه بسر الكائنات ، ويتناجى هو معه بلغة العارفين.
إنّ حقائق الخلق ، من حجر وشجر وأحياء .. من سحب تلبّد السماء ، وغيث يسقي الأرض ، وعواصف ورعد وبرق .. من أمواج البحر ، وشعاع الشمس ، ونور القمر ، إنّها جميعا في وعي المؤمنين تجلّيات لأسماء الله ، ومنافذ إلى غيب قدرته وحكمته .. رحمته وعزّته .. جماله وجلاله .. فلا ينظرون إلى شيء إلّا عبر هذه الرؤية ، ممّا يجعله مسبّحا بحمد ربّه ، ناطقا بآياته ، داعيا إليه ، يبثّ في روعهم حكمة الحياة ، ويعكس جمالها وجلالها ، ويهديهم إلى سرّها العظيم.