فهم إذا نظروا إلى الأرض وحجم هذه الكرة الوحيدة التي تحتضن الحياة فيما نعرف من الكرات يتساءلون : ما الذي قدّر حجمها ، وطبيعة حركتها حول نفسها وحول الشمس ، والمسافة المحدّدة التي تفصلها عنها .. حتى لو أنّها اقتربت أو ابتعدت تباطأت أو تعجّلت لما أمكن نشوء الحياة فيها أبدا؟
وسمك الأرض بهذا القدر المحدد بدقة ما الذي نظمّه حتى لو كانت أسمك عشرة بوصات لما وجدت مادة الأوكسجين الضرورية للحياة .. ولو كانت البحار أعمق عدة بوصات من عمقها الحالي لابتلعت كل ما في الجو من هذه المادة الضرورية؟
وكذلك الغلات الواقي المحيط بأرضنا لو كان أدق قليلا ممّا هو عليه لكانت الأرض معرضة لملايين الشهب المتوجهة إليها من الفضاء الخارجي ولاستحالت الحياة عليها .. والغازات المتنوعة التي نحتاج إلى كلّ واحد منها بذات النسبة الموجودة في الجو ، والتي تكونت عبر السنين المتطاولة من مصادر عديدة. أليست شاهدة على حكمة المدبّر سبحانه؟ (١)
[٢١] وإذا عدت إلى نفسك التي هي خلاصة مباركة لكل ذلك العالم الكبير الواسع ، فإنّك تجد آفاقا من العلم لا تحد ، وشواهد لا تحصى على حسن التدبير لخالقها الرحمن ، ولكنّنا بحاجة إلى بصيرة نافذة لكي لا تحجبنا حاجات الجسم العاجلة المحدودة عن الغور في أعماقها الزاخرة بالمعرفة والحب والأحاسيس الزاكية.
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)
__________________
(١) راجع تفسير نمونه (بالفارسية) / ج ٢٢ / ص ٣٣١ ـ ٣٣٢.