كيف لا نبصر ما في أقرب الأشياء إلينا ، وهل يستحق الإكرام من يغفل عن آيات الله في ضميره ووجدانه .. في عواطفه الخيرة .. في إرادته الماضية .. في عقله الوقّاد .. في تركيبة عينه وإذنه .. في أعصاب دماغه .. في حلقه وما أطبقت عليه شفتاه من لسانه ذي الوظائف المتعدّدة ، إلى أضراسه وأسنانه ، إلى حلقه وبلعومه؟
دعنا نتفكر قليلا في هذه الشبكة المعقّدة من الأعصاب ، وهذه المنظومة الواسعة من الأوردة والشرايين التي تقدّر بعشرات الألوف من الكيلومترات .. وإلى هذا الحشد الهائل من الخلايا التي تقدّر بعشرة ملايين مليار ، وكلّ خليّة عالم عظيم تعكس آيات الصنع الالهي. أو تدري ان الخلية الواحدة هي في الواقع مدينة صناعية ضخمة بحيث لو استطاع الإنسان فرضا تقليدها لكان عليه ان يبني مصانع في ساحة ألف هكتار يزرعها بمختلف الاجهزة المعقدة والمتطورة؟ (١) ، ولكن أين تلك البصيرة التي تنفذ إلى أعماق وجود الإنسان لعلها تهتدي إلى بعض آيات الله العظيمة .. وتؤمن بالبعث من بعد الموت من خلال الإيمان بقدرة الله وحكمته؟
[٢٢] وبعد ذكر الأرض وآياتها ، والإنسان وما فيه من تجلّيات القدرة ، يذكّرنا السياق بالسماء وآياتها ، وكيف يرزقنا الله منها ، فهذا الغيث ألا ترى كيف يتنزل من السماء برزق مبارك ، وهذه الأشعة التي تبثّ إلينا من الشمس والنجوم وما فيها من فوائد عظيمة نعرف بعضها ونجهل الكثير؟ كلها آيات التدبير الدقيق. أفلا نتذكر؟
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)
وفي السماء تلك الإمكانات المستقبلية التي يهدينا الرب إليها ففيها من البركات أضعاف ما ننتفع به حاليّا كما فيها من النقمات ما ينبغي اتقاؤها بالعمل
__________________
(١) راجع المصدر / ص ٣٣٣