الصالح ، ويبدو أنّ الآيات التالية تأويل لهذه الكلمة ، حيث أنّ ربنا سبحانه قد وعد ـ ووعده الصدق ـ إبراهيم بأن يرزقه ذريّة كما أوعد قوم لوط بالعذاب فجاءته الملائكة بهما جميعا.
وقال البعض : معنى «وَما تُوعَدُونَ» الجنة جعلها الله في السماء. ولعل هذا صحيح في بعض رياض الجنة أما الجنة جميعا فعرضها كعرض السماوات والله العالم.
وفي الآية تفسير آخر : هو ان الله قد قدر عنده في السماء (الجهة الأعلى) كل أرزاق العباد فلما ذا الحرص والتكالب؟
بلى. السعي واجب ولكن الفرق كبير بين السعي وراء الرزق بل وحتى الكد والكدح من أجله وبين التهالك عليه (الذوبان في بوتقته) حتى لا يكون لدى المرء هم سواه ، فتمسخ شخصيته ، وتختصر انسانيته في آلة اقتصادية ، كلا .. ان للإنسان تطلعات سامية وانما الرزق وسيلة البلوغ إليها فقط. لذلك جاء في الحديث المأثور عن النبي صلّى الله عليه وآله أنّه قال : «الرزق لا يجره حرص حريص ولا يصرفه كره كاره» (١).
بل اننا نجد ان الرزق يرتبط بجوانب عديدة من حياة الإنسان منها السعي والكدح. فمن ألغى سائر جوانب حياته واختصر نفسه في البحث عن الطعام لم يوفق فيه كيف؟
أليست الأمة الجاهلة المفككة التي لا تهتم بالسياسة ولا تعي التطورات الكبرى في العالم ولا تتكامل عواطفها أدبيا وفنيا هذه أمة متخلفة ، وهل نصيب الأمة
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ / ص ١٢٦.