قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يصف شجرة طوبى : «وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متذلّل في بيوتهم ، يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة ممّا رأيتم في دار الدنيا وممّا لم تروه ، وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها ، وكلّما يجتنى منها شيء نبتت مكانها أخرى ، (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (١).
وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حاكيا حال أهل الجنة : والثمار دانية منهم وهو قوله عزّ وجلّ : «وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً» ، من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ ، وإنّ الأنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله : يا وليّ الله!! كلني قبل أن تأكل هذا قبلي (٢).
وللمتدبّر أن يلاحظ مدى أثر الوعد بهذه النعم في مجتمع يحلم بالماء ويتقاتل عليه ، ويتنقّل عبر المفاوز الشاسعة بحثا عن الماء بل سعيا وراء السراب! كما لا يعرف الفاكهة التي لا تنبت في محيطه إلّا كبراؤه ، يجلبونها في تجارتهم وبكميّات قليلة محدودة ، أو يزرعون شجرها طمعا في بضع وحيدات منها! وهي مع قلّتها تقطعها الأسباب ، وتمنعها الموانع المختلفة عنهم ، فكيف بهم وهم يجدون أنفسهم أمام تلك النعم العظيمة الوافرة؟ إنّ العاقل منهم لا ريب يسعى لنيلها حينما تطمئن بها نفسه.
وهنا فكرة لطيفة تفسّر اهتمام القرآن بالتركيز على التذكير بجوانب من نعيم الآخرة ، والتفضيل فيه والتشويق إليه في كثير من المواضع ، وهي : إنّ ذلك يأتي لمقاومة كثير من الانحرافات المعنوية والعملية في حياة الإنسان ، والناتجة من
__________________
(١) المصدر
(٢) المصدر