الاغترار بنعم الدنيا ، والخضوع لجاذبيتها ، فقد جاء في كلام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) : «فمن اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات» (١).
[٣٤ ـ ٣٨] (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ)
افترش الشيء : وطئه ، وعرضه : استباحه بالوقيعة فيه ، وحقيقته : جعله لنفسه فراشا يطؤه (٢) ، فالكلمة فيها دلالتان : الأولى : الفراش الذي ينام عليه الإنسان ، والثانية : الزوجة التي يستبيحها ويطؤها ، وهذا من بلاغة القرآن أن يشير إلى نعمتين بكلمة. وقد ورد في النصوص الإسلامية استخدام للكلمة في المعنى الثاني. قال العلامة الطبرسي : ويقال لامرأة الرجل هي فراشه ، ومنه قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) : «الولد للفراش ، وللعاهر الحجر» (٣) ، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) يصف إناث الجنة : «نعم. ما يفترش منهنّ شيئا إلّا وجدها كذلك» (٤) (يعني باكرا).
و(مَرْفُوعَةٍ) يعني عالية المكان ، وهي أصلح في الفراش من الآخر الذي على الأرض ، كما تعني الكلمة ارتفاع الشأن حسنا وكمالا أيّا كان المقصود ظاهر الفرش أو الزوجة.
(إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً)
والإنشاء هو الإبداع والصناعة ، وقد خلق الله لكلّ مؤمن زوجات مخصوصات به ، وهذا من عناية الله ولطفه بالمؤمن ، وعلى هذا المعنى يكون المراد حور العين ، وقال البعض : إنّهنّ من نساء الدنيا أنشأناهن الله من جديد فتيات جميلات وأبكار ،
__________________
(١) قصار الحكم المعجم المفهرس لالفاظ نهج البلاغة ص ٧٠٤
(٢) المنجد مادة فرش
(٣) مجمع البيان / ج ٩ ص ٢١٩
(٤) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢١٧