(فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ)
والسموم الريح الحارة التي تدخل مسام الجسم ، ولعلّه في الآخرة نوع من النيران يعذب به أصحاب المشأمة ، قال تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) (١).
ولعلّ اللفح بريح السموم يوم القيامة متولّدة من حركة السنة النار وتداخلها في بعضها (المرج) ، وهو يصيب (أَصْحابُ الشِّمالِ) بحره إضافة الى كونهم في جهنّم مباشرة تحيطهم من كلّ جانب وصوب.
أمّا الحميم فهو السائل الفائر المغلي الى درجة ، من حم الماء إذا وضعه على النار وسخّنه ، قال تعالى : (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ) (٢) ، وقال : (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٣) ، من شدّة حرارته. والحرف «فِي» يفيد الاحاطة الشاملة.
والذي يظهر من تعبير القرآن بفي أنّه يسقط الزمن من الحساب ، بالرغم من انّ ظاهر الآيات الذي يلاحظه المتدبّر ـ أنّها تنصرف الى المستقبل «يوم الدين» ، وقد أراد ربنا بذلك هدايتنا الى حقيقتين :
الاولى : انّ العذاب والثواب حقائق واقعية يعيشها الإنسان في الدنيا فور مبادرته الى عمل الخير والشر ، لان ذات السيئات والحسنات هي التي تصير نارا أو جنة في الآخرة ، بيد ان الناس محجوبون عن هذه الحقيقة الحق. قال تعالى : (كُلُّ أُمَّةٍ
__________________
(١) الحجر / ٢٧
(٢) الواقعة / ٥٤
(٣) محمد / ١٥